الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء: 8 طرق مبتكرة لتحويل تجربة العميل

يشهد قطاع خدمة العملاء تحولاً جذرياً يقوده الذكاء الاصطناعي، هذه التكنولوجيا المبتكرة التي تجاوزت كونها مجرد أداة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات الأعمال الحديثة. لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد الاستجابة لاستفسارات العملاء، بل أصبح يتعلق الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء بكل الجوانب وتوقع احتياجاتهم، وتقديم تجارب مخصصة وفريدة. هذا التطور يعيد تعريف طبيعة العلاقة بين الشركات وعملائها، ويدفعها نحو آفاق جديدة من الكفاءة والرضا.
ما هو الذكاء الاصطناعي في سياق خدمة العملاء؟
الذكاء الاصطناعي هو نظام يحاكي القدرات المعرفية البشرية في حل المشكلات، واتخاذ القرارات، وتقديم التوصيات الدقيقة. في سياق خدمة العملاء، تتجلى هذه القدرات في أنظمة قادرة على فهم المحادثات البشرية، وتوليد نصوص وصور أصيلة، وتقديم اقتراحات ذكية للتحليلات. تتضمن هذه التقنية فروعاً مختلفة ذات أهمية خاصة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يمكنه إنتاج محتوى جديد يحاكي التفاعل البشري، والذكاء الاصطناعي الوكيلي الذي يتسم بالقدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات بشكل مستقل دون إشراف بشري مستمر.
التحول من الخدمة التفاعلية إلى الاستباقية
تقليدياً، كانت خدمة العملاء مبنية على نموذج تفاعلي، حيث تقتصر مهمة فرق الدعم على الاستجابة للمشكلات بعد وقوعها. هذا النموذج كان يعاني من نقاط ضعف واضحة، مثل أوقات الانتظار الطويلة، وضرورة تكرار العميل للمعلومات نفسها عدة مرات، والتنقل المتعدد بين الأقسام المختلفة قبل الوصول إلى حل.
مع ظهور الذكاء الاصطناعي، بدأت خدمة العملاء تشهد تحولاً نوعياً نحو نهج استباقي وتنبؤي. هذا التحول يعني الانتقال من مجرد حل المشكلات إلى توقعها ومعالجتها قبل أن يدركها العميل من الأساس. هذه القدرة على التنبؤ تتيح للشركات تقديم رعاية وقائية بدلاً من مجرد حل تفاعلي، مما يقلل بشكل كبير من المهام الروتينية التي يتولاها البشر. هذا التحول العميق ليس مجرد تبني لتقنية، بل هو تغيير في نموذج العمل الأساسي، حيث تتحول الخدمة من كونها “مركز تكلفة” إلى “استراتيجية مشاركة” تساهم في نمو الأعمال. عندما يقلل الذكاء الاصطناعي التكاليف التشغيلية بنسبة تصل إلى 30% ويساهم في حل المشكلات بشكل استباقي، فإنه يحول الخدمة من مجرد نفقات إلى استثمار استراتيجي يخلق مصادر جديدة للإيرادات ويعزز مرونة الأعمال.
2. استخدام Chatbots للرد الفوري على الاستفسارات

تُعد روبوتات المحادثة (Chatbots
) من أبرز وأكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي شيوعاً في مجال خدمة العملاء، نظراً لقدرتها على تقديم الدعم الفوري والمستمر. هذه البرامج تحاكي المحادثة البشرية، سواء كانت مكتوبة أو منطوقة، وتتراوح في تعقيدها من برامج بسيطة تقدم إجابة من سطر واحد إلى مساعدين رقميين متقدمين يتعلمون ويتطورون بمرور الوقت.
كيف تعمل روبوتات المحادثة على مدار الساعة؟
تستخدم روبوتات المحادثة تقنيات متقدمة مثل معالجة اللغة الطبيعية (NLP) والتعلم الآلي (ML) لفهم استفسارات العملاء والاستجابة لها بفعالية. إنها قادرة على الوصول الفوري إلى قواعد بيانات ضخمة لتقديم إجابات سريعة على الأسئلة الشائعة في أي وقت من اليوم. الميزة الأساسية لهذه الروبوتات هي توفرها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع (24/7)، مما يلبي حاجة المستهلكين للدعم الفوري ويخفف الضغط عن فرق الدعم البشري خارج ساعات العمل العادية، مما يؤدي إلى زيادة معدل التفاعل والتحويل.
Chatbots: حلول فورية للأسئلة المتكررة
تُعد روبوتات المحادثة حلاً مثالياً لتخفيف العبء على موظفي خدمة العملاء، حيث تتولى الرد على الأسئلة المتكررة التي لا تتطلب تدخلاً بشرياً معقداً. يمكنها أتمتة مهام روتينية مثل الإجابة على استفسارات الأسعار، وتقديم معلومات حول تفاصيل الأحداث، وتتبع حالة الشحن، وحتى معالجة طلبات الإرجاع والاستبدال. هذا لا يوفر الوقت والمجهود على العميل فقط، بل يتيح لممثلي خدمة العملاء البشر التركيز على الحالات الأكثر حساسية وتعقيداً التي تتطلب تفاعلاً شخصياً وتعاطفاً.
أمثلة عملية لتطبيقات روبوتات المحادثة
تتعدد التطبيقات العملية لروبوتات المحادثة في مختلف القطاعات. في التجارة الإلكترونية، يمكن لروبوتات المحادثة أن تساعد العملاء في العثور على المنتجات، وتقديم توصيات مخصصة، وإتمام عمليات الشراء مباشرة من خلال المحادثة. كما يمكنها أن تُستخدم في قطاع الرعاية الصحية لمساعدة المرضى في جدولة المواعيد أو الإجابة على أسئلة صحية أساسية. أحد الأمثلة الواقعية هو شركة PVR Cinemas في الهند، التي تستخدم روبوت محادثة لمساعدة الزوار على حجز تذاكر الأفلام، وعرض العروض المتاحة، مما يعزز المبيعات.
إن القيمة الحقيقية لروبوتات المحادثة لا تقتصر على كونها أداة للدعم الفوري فقط. خلال كل تفاعل، تقوم هذه الروبوتات بجمع بيانات قيمة حول سلوك العميل وتفضيلاته. هذه البيانات تُستخدم لاحقاً لتحسين أداء الروبوت نفسه، ولتزويد فرق المبيعات والتسويق برؤى قابلة للتنفيذ. هذا التحول يجعل روبوتات المحادثة أداة استراتيجية لزيادة المبيعات وتحسين تجربة العميل بشكل مستمر، مما يؤكد أن فائدتها تتجاوز مجرد الرد الآلي لتصبح جزءاً من استراتيجية متكاملة لنمو الأعمال.
3. تحليل البيانات لتقديم حلول مخصصة للعملاء
يعتبر الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً للتخصيص العميق في تجربة العميل، وذلك بفضل قدرته الفائقة على تحليل كميات هائلة من البيانات. هذه القدرة على الجمع والتحليل هي ما يميز تجربة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي عن غيرها من الأساليب التقليدية، حيث يتم استخدامها لفهم العملاء وتقديم حلول مصممة خصيصاً لهم.
قوة تحليل المشاعر لفهم العميل
تتيح تقنية تحليل المشاعر (Sentiment Analysis
) لأنظمة الذكاء الاصطناعي فحص النصوص والمحادثات الصوتية لتحديد الحالة العاطفية للعميل. يمكن لهذه العملية أن تساعد الشركات على فهم عملائها بشكل أعمق وتحديد شعورهم تجاه منتج أو خدمة معينة. على سبيل المثال، يستخدم مركز خدمة العملاء في شركة(https://aisuperior.com/ar/ai-customer-service-companies/) هذه التقنية لتحديد التفاعلات السلبية التي تحتاج إلى اهتمام فوري، مما يساعد فرق الخدمة على تحديد أولويات الحالات الحساسة وتصميم أسلوب تواصلهم بما يتناسب مع الحالة العاطفية للعميل.
التخصيص في الوقت الفعلي وتأثيره على المبيعات
يتوقع العملاء اليوم الحصول على استجابة فورية، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يلبي هذا التوقع من خلال تعديل رحلة العميل على الفور بناءً على سلوكه في الوقت الحقيقي. تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي ضبط محتوى موقع الويب لتسليط الضوء على المنتجات الأكثر توافقاً مع ما يبحث عنه العميل في تلك اللحظة. وتشير تقارير إلى أن الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تخصيص المحتوى تحقق زيادة في المبيعات بنسبة تتجاوز 20-30%، بينما تنخفض نسبة فقدان العملاء بأكثر من 25%.
أنظمة التوصيات الذكية
تستخدم أنظمة التوصيات الذكية (Recommendation Engines) خوارزميات التعلم الآلي لتحليل سجل الشراء وسلوك التصفح للعميل، مما يمكنها من تقديم توصيات دقيقة ومخصصة تزيد من ولاء العملاء وتحويلات المبيعات. من الأمثلة العالمية البارزة على ذلك شركات مثل Netflix
التي تقترح أفلاماً بناءً على ذوق المستخدم السابق، وAmazon
التي تقدم توصيات بناءً على سجل التصفح والشراء، وSpotify
التي تصنع قوائم تشغيل مخصصة أسبوعياً.
على الرغم من الفوائد الكبيرة للتخصيص، فإن هناك تحدياً أخلاقياً مهماً يتمثل في تحقيق التوازن بين تقديم تجربة شخصية ومفيدة وبين الشعور بـ “التطفل” على حياة العميل. فإذا تم جمع البيانات دون موافقة صريحة أو استخدامها بطرق تثير قلق العميل، فإن ذلك يهدد الثقة التي تُعتبر العملة الجديدة في هذا العصر. لذلك، فإن النجاح في استراتيجيات التخصيص يعتمد على الشفافية والمسؤولية في التعامل مع بيانات العملاء، مما يجعل بناء الثقة جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية النمو الشاملة.
4. تقليل الأخطاء البشرية وتحسين جودة الخدمة

تُعد الدقة والاتساق من الركائز الأساسية لجودة خدمة العملاء، ويمثل الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في تحقيق هذه الأهداف من خلال أتمتة المهام وتقليل الأخطاء البشرية. يوفر اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي مساراً لتحقيق الكفاءة والدقة في جميع مراحل رحلة العميل.
الأتمتة الذكية لتقليل الأخطاء
تعمل الأتمتة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تبسيط المهام المتكررة والعمليات المعقدة، مما يقلل بشكل كبير من الأخطاء اليدوية. عندما تتم أتمتة الردود والعمليات، تضمن الشركات تقديم رسائل متسقة ومعلومات دقيقة عبر جميع نقاط التواصل مع العملاء. هذا لا يوفر الوقت والموارد المطلوبة لخدمة العملاء فحسب، بل يعزز أيضاً موثوقية الخدمة المقدمة.
أنظمة توجيه التذاكر الذكية
من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق هو نظام توجيه التذاكر الذكي (Intelligent Ticket Routing
). بدلاً من توجيه طلبات الدعم بشكل عشوائي، تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بأتمتة تخصيص التذاكر للوكيل الأنسب أو الفريق الصحيح بناءً على عوامل مثل نوع المشكلة، ومستوى التعقيد، ودرجة الاستعجال. هذا النظام يضمن أن يتولى حل المشكلة الشخص الأكثر تأهيلاً، مما يقلل من أوقات الحل ويحسن تجربة العميل بشكل عام، ويقلل من الأخطاء الناتجة عن التوجيه الخاطئ.
تعزيز الدقة والاتساق في التواصل
يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعزيز دقة التواصل مع العملاء من خلال مساعدة الوكلاء البشريين على صياغة ردود أكثر فعالية واختصاراً. يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تقترح تحسينات على الصياغة أو تضيف سياقاً ذا صلة بالاستفسار، مستفيدة من الرؤى المستخلصة من التفاعلات السابقة. بما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تتبع القواعد بشكل متسق وتحدد المشكلات بدقة، فإنها تساعد الفرق على اتخاذ قرارات أكثر ثقة، مما يقلل من الحاجة إلى المراجعات وإعادة العمل. هذا التحسين في الدقة والجودة يؤدي مباشرة إلى زيادة سرعة حل المشكلات، مما ينعكس إيجاباً على رضا العملاء وولائهم للعلامة التجارية.
5. الذكاء الاصطناعي في توقع احتياجات العملاء
يمثل التحول إلى الخدمة الاستباقية نقلة نوعية في فلسفة خدمة العملاء، حيث تتوقع الشركات احتياجات العملاء قبل أن يضطروا إلى طلب المساعدة. تعتمد هذه القدرة على تقنيات التحليلات التنبؤية التي تُعد من أبرز فوائد الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
مفهوم التحليلات التنبؤية في خدمة العملاء
التحليلات التنبؤية (Predictive Analytics) هي عملية استخدام البيانات التاريخية والخوارزميات الإحصائية للتنبؤ بالنتائج والاتجاهات المستقبلية. في خدمة العملاء، تُستخدم هذه التحليلات لتوقع سلوك العملاء، مثل تحديد العملاء الأكثر احتمالاً للتخلي عن الشركة والانتقال إلى منافس. كما يمكنها التنبؤ بأكثر العملاء المحتملين الذين من المرجح أن يتحولوا إلى عملاء فعليين، مما يُمكِّن فرق المبيعات من تركيز جهودها بشكل أكثر فعالية.
استباقية الخدمة: توقع المشكلات قبل حدوثها
بدلاً من انتظار وقوع المشكلات، تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بتحليل الأنماط وتوقع حدوثها قبل أن يواجهها العملاء. على سبيل المثال، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يحلل حساب العميل، ويحدد الفروقات في الفواتير، ويصححها تلقائياً، ويبلغ العميل، كل ذلك بشكل مؤتمت، مما يمنع تفاقم المشكلة من الأساس. تشير الدراسات إلى أن 70% من مديري خدمة العملاء يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل مشاعر العملاء بشكل استباقي عبر عدة قنوات لتقديم الدعم في الوقت المناسب.
أمثلة على التنبؤ بسلوك العملاء
تقدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي أمثلة عملية على التنبؤ بسلوك العملاء. يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يوصي العميل بكتب معينة بناءً على تاريخ شرائه السابق، مما يزيد من المبيعات ويحسن تجربة التسوق. كما أن حلولاً مثل(https://www.ibm.com/sa-ar/solutions/ai-customer-service) يمكنها أتمتة مهام المبيعات المتكررة وتحديد العملاء المحتملين المؤهلين بشكل أسرع، مما يتيح للفرق بناء علاقات أقوى مع العملاء.
إن التحليلات التنبؤية لا تقتصر على منع المشكلات أو زيادة المبيعات فحسب، بل إنها تُغير طبيعة العلاقة بين الشركة والعميل، وتحولها إلى علاقة مبنية على الفهم والاهتمام. عندما يشعر العملاء بالتقدير وأن الشركة “تفهَم” احتياجاتهم دون أن يضطروا لطلب المساعدة، فإن هذا يعزز الولاء للعلامة التجارية في عالم يسهل فيه الانتقال بين الشركات، مما يجعل الذكاء الاصطناعي أداة لبناء علاقات طويلة الأمد وليس مجرد أداة لإدارة المشكلات.
6. دمج AI مع فرق الدعم البشري لتعزيز الأداء

غالباً ما تُطرح تساؤلات حول إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الموظف البشري في خدمة العملاء. ولكن في الواقع، لا يمثل الذكاء الاصطناعي بديلاً، بل هو شريك يعزز قدرات الموظفين ويرفع من أدائهم.
الذكاء الاصطناعي كشريك للموظف البشري
يُحرر الذكاء الاصطناعي الموظفين من المهام الروتينية والمتكررة مثل إدخال البيانات، وتوجيه المكالمات، والرد على الأسئلة الشائعة. هذا التحرير يتيح لممثلي خدمة العملاء التركيز على المهام التي تتطلب مهارات بشرية فريدة، مثل حل المشكلات المعقدة التي تحتاج إلى التفكير النقدي، والتعاطف، والذكاء العاطفي. هذا النهج يقلل من الإجهاد الوظيفي (Burnout) ويزيد من رضا الموظفين، مما ينعكس بشكل إيجابي على جودة الخدمة المقدمة.
أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدة موظفي خدمة العملاء
توفر الشركات التقنية الكبرى أدوات متقدمة لمساعدة الموظفين في عملهم اليومي. على سبيل المثال، يمكن لأدوات مثل Google Gemini و(https://www.ibm.com/sa-ar/solutions/ai-customer-service) تحليل كميات كبيرة من المعلومات، وتلخيص التفاعلات السابقة مع العميل، وصياغة الردود بشكل فعال، والوصول الفوري إلى قواعد بيانات المعرفة. هذه الأدوات تمكن الموظفين من الرد على الاستفسارات بسرعة أكبر وثقة أعلى. كما أن أداة AskHR الداخلية في شركة IBM
أتمتت أكثر من 80 عملية شائعة في الموارد البشرية، مما وفر 12,000 ساعة في ربع سنة واحد، وهو مثال واضح على إمكانية تعميم هذه الكفاءة على خدمة العملاء.
إعادة تشكيل الأدوار: وظائف جديدة تتطلب مهارات إنسانية
إن التحول الذي يقوده الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف بشكل كامل، بل يعيد تشكيل سوق العمل ويخلق وظائف جديدة تماماً لم تكن موجودة من قبل. تتطلب هذه الوظائف الجديدة مهارات مختلفة، مثل “مدربي” أنظمة الذكاء الاصطناعي، و”مفسري” مخرجاتها، و”المراقبين” لأدائها. أصبح الأمان الوظيفي لا يعتمد على “الوظيفة الثابتة”، بل على “القابلية للتكيف” والتعلم المستمر وتطوير المهارات التي تتماشى مع الواقع الجديد.
إن دمج الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل يجعل الدور البشري أكثر قيمة وتركيزاً على المهام التي تتطلب إبداعاً وتعاطفاً. هذا التحول يجعل العمل أكثر معنى وأقل إرهاقاً، مما يقلل من معدلات الاستقالة ويحسن من رضا الموظفين، وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على جودة الخدمة المقدمة للعملاء.
7. التحديات والاعتبارات الأخلاقية في استخدام AI
على الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، فإنه يثير مجموعة من التحديات والاعتبارات الأخلاقية التي يجب على الشركات التعامل معها بمسؤولية. هذه القضايا ليست مجرد عقبات تقنية، بل هي عوامل حاسمة في بناء الثقة مع العملاء والحفاظ عليها.
قضايا خصوصية البيانات وأمنها
يعتمد الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات للتعلم والتحسين، وكثيراً ما تتضمن هذه البيانات معلومات شخصية وحساسة مثل البيانات الصحية أو السلوكيات على وسائل التواصل الاجتماعي. من أبرز المخاطر المرتبطة بذلك هي جمع البيانات دون موافقة صريحة، واستخدامها لأغراض غير مصرح بها، فضلاً عن خطر تسرب البيانات أو اختراقها، مما قد يؤدي إلى انتهاكات خطيرة للخصوصية. وقد واجهت شركات كبرى ردود فعل سلبية، مثلما حدث مع LinkedIn
عندما تم الكشف عن استخدام بيانات المستخدمين لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي دون موافقتهم الواضحة.
مخاطر التحيز الخوارزمي والإنصاف
يمكن للأنظمة الذكية أن تعكس التحيزات الموجودة في البيانات التي تم تدريبها عليها، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير عادلة أو غير متسقة. فإذا كانت بيانات التدريب متحيزة، فإن نتائج النظام ستكون متحيزة أيضاً، مما قد يترتب عليه معاملة غير عادلة للعملاء. على سبيل المثال، أظهرت دراسات أن أنظمة التعرف على الوجه كانت أقل دقة في التعرف على الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، مما يؤكد على أهمية تدريب الأنظمة على بيانات متنوعة تعكس جميع شرائح المجتمع لضمان الإنصاف والعدالة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل وإحلال الوظائف
تُعد المخاوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الوظائف البشرية من أكثر التحديات الاجتماعية المطروحة حالياً، خاصة في المهام الروتينية المتكررة. ومع ذلك، فإن النظرة الأكثر توازناً تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يسرق الوظائف بل يعيد تشكيلها، ويخلق وظائف جديدة تماماً. إنه يدفع العاملين إلى تطوير مهاراتهم باستمرار لمواكبة التغيرات، مما يجعل “القابلية للتكيف” هي السمة الأساسية للأمان الوظيفي في المستقبل.
إن هذه التحديات ليست مجرد عقبات يجب تجاوزها، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة لبناء الثقة. فإذا لم يتم التعامل مع بيانات العملاء بشفافية ومسؤولية، فإن ذلك يؤدي إلى فقدان الثقة، الذي بدوره يضر بالنمو والأرباح على المدى الطويل. لذلك، يجب أن تكون أخلاقيات الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الأعمال لضمان رضا العملاء وولائهم.
8. خلاصة: كيف يجعل الذكاء الاصطناعي تجربة العميل أفضل

لقد أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على إحداث ثورة في خدمة العملاء، وتحويلها من وظيفة تشغيلية تقليدية إلى محرك استراتيجي للنمو. من خلال دمج تقنيات مثل روبوتات المحادثة والتحليلات التنبؤية، تستطيع الشركات تقديم تجارب عملاء لا مثيل لها، تتميز بالسرعة، والدقة، والتخصيص العميق.
ملخص الفوائد الرئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي
باختصار، يمكن تلخيص الفوائد الرئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء على النحو التالي:
- التوفر على مدار الساعة: توفير الدعم الفوري في أي وقت، مما يلبي توقعات العملاء ويزيد من رضاهم.
- الرد الفوري: تقليل أوقات الانتظار بشكل كبير وحل المشكلات الشائعة بكفاءة.
- التخصيص العميق: تحليل البيانات لتقديم حلول وتوصيات مخصصة تزيد من المبيعات والولاء.
- تحسين الدقة: تقليل الأخطاء البشرية وضمان اتساق وجودة الخدمة.
- التحول إلى الخدمة الاستباقية: توقع المشكلات ومعالجتها قبل أن يدركها العميل، مما يعزز الثقة والولاء.
يوضح الجدول التالي التأثير الكمي لهذه الفوائد بناءً على دراسات حديثة:
المؤشر الرئيسي | القيمة | المصدر |
خفض التكاليف التشغيلية | يصل إلى 30% | أبحاث ماكينزي |
زيادة في المبيعات | يتجاوز 20-30% | تقرير ماكينزي |
انخفاض نسبة فقدان العملاء | أكثر من 25% | تقرير ماكينزي |
زيادة رضا العملاء | 17% | (https://www.ibm.com/ae-ar/think/insights/customer-service-future) |
توفير الوقت في معالجة المكالمات | 45% | Plivo |
زيادة إنتاجية الموظفين | 66% | Nielsen Norman Group |
تفضيل المستهلكين للدعم الفوري | 51% | Zendesk |
مستقبل تجربة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي
لا يزال مستقبل خدمة العملاء في مراحله الأولى، ولكن من الواضح أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً أكبر بكثير في السنوات المقبلة. ستتطور الأنظمة لتصبح أكثر استقلالية، وقادرة على التعامل مع المهام المعقدة بشكل ذاتي. ومع ذلك، فإن هذا المستقبل ليس عن “الذكاء الاصطناعي مقابل الإنسان”، بل “الذكاء الاصطناعي مع الإنسان”.
ستكون الشركات الرائدة هي تلك التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات موظفيها بدلاً من استبدالهم. وتعمل شركات مثل(https://www.ibm.com/sa-ar/solutions/ai-customer-service)، وZendesk، و(https://aisuperior.com/ar/ai-customer-service-companies/) على تطوير أنظمة لا تقتصر على حل المشكلات بكفاءة فحسب، بل تتنبأ باحتياجات العملاء قبل ظهورها، مما يعيد تشكيل مستقبل تجربة العميل ويجعلها أكثر إنسانية وكفاءة في آن واحد.